السيا سة النفطية والتراخيص
(الحلقة الثالثة)
ضياء المرعب
تحدثنا في الحلقا ت السابقة عن فتح الحقول العرا قية المنتجة اما م الاحتكارات النفطية العالمية الكبرى بحجة تطويرها و بينا ان الوقائع الملموسة تؤكد با ن طريقة تطوير ها لايمكن ان تكون بموجب عقود الخدمة الفنية المتعارف عليها واليوم نريد ان نعرج على مناقشة السياسة النفطية العامة المتبعة منذ الاحتلال حتى الوقت الحاضر ومدى الأضرار التي الحقت بالمصلحة الوطنية من جراء ذلك.
و يمكن القو ل ان هذه السياسة قد تميزت عموما بغياب برنامج وطني واضح يستهدف المصالح العليا للبلاد والخضوع لاملاءات المحتل. وقد كتب وقيل الكثير عن هذه الامور كشفت في الندوات العديدة التي عقدت في مركز الدراسات الستارتيجية والدولية وغير ها من المؤ سسات الاميركية و اجهزى الاعلام . ولا نريد التكرار والاطالةو لكننا نشير بايجاز شديد الى ان الاهداف الاميركية المعلنة تتلخص بـ “مساعدة الزعماء العراقيين على اعادة تنظيم صناعة النفط الوطنية باعتبارها مشروعا تجاريا”، أي خصخصة النفط العراقي بإلغاء التاميم والسيادة الوطنية على انتاجه و تسويقه و”تشجيع الاستثمار في قطاع النفط العراقي من قبل المجتمع الدولي وشركات الطاقة العالمية”، اضافة الى دعوة الولايات المتحدة لـ “توفير المعونة الفنية الى الحكومة العراقية للاعداد لمسودة قا نو ن للنفط”. ودعت تلك السياسة صراحة الى تقسيم العراق الى رقع جغرافية و احالتها على الشركات العالمية وهذه بدو رها سوف تتنافس فيما بينها وتطرح كميات هائلة من الانتاج خا رج اطار منظمة الاوبك مما يؤدي الى فيض في الانتاج وانهيار في هيكل الاسعار. وقد دعت صراحة الى منافسة وتحدي الدور السعودي .
هذه هي الملامح العامة للسياسة النفطية التي ارادها المحتل وناقشها مع المغرّبين العراقيين منذ نهاية القرن الماضي. اما في مجال الممارسة الفعلية فقد بقيت السياسة النفطية يكتنفها الغمو ض والتصريحا ت المتناقضة. فعلى سبيل المثال نجد ان تصريحا ت المفتش العام المختص IGIR,، ومكتب المحاسبة الحكومي اللذين يوصفان بانهما كلبا الحراسة في الكونغرس الاميركي تنسب احصاءاتها الى تقارير صندوق النقد الدولي ( وخاصة التقرير القطري الصادر في أب عام 2007) وعند مراجعة ذلك التقرير نجد ان بياناته عن موضو ع معين بالذات – ولنفترض انه يخص صادرا ت النفط او الناتج المحلي الاجمالي - فيها بيان شا سع بين صفحة واخرى وهي مذيلة بتعبير: (المصدر سلطات الحكومة العراقية) وهذه الاخيرة خاضعة للمستشارين الاميركان وهذا يعني عودة الكرة مرة اخرى الى الملعب الاميركي. فلماذا هذا اللف والدوران، ان لم يكن لغاية في نفس يعقوب؟ فاذا كان التشويش والتضليل سائدين في ابسط الامور، وهي الارقام المتعلقة بالانتاج و التصدير، فهذا يلقي ظلالا كثيفة من الشك على مصداقية تلك الارقام. والآن نورد بعض الامثلة:
اولا- قال مستشار وزير المالية للشؤو ن المصرفية والمالية ضياء الخيون، في تصريح نقلته وكالة كردستان للانباء (اكا نيوز) ان سعر برميل النفط العراقي يتراو ح بين 52 و 54 دولارا للبرميل بفارق ثمانية دولارات للبرميل عن نفط دبي نظرا لبعد المواني العراقية”. و كان السيد وزير المالية العراقي باقر الزبيدي قد اعلن في واشنطن في شهر ايلو ل من العام الماضي ان سعر النفط العراقي يخضع الى “خصومات” بلغت حد 14 دولارا للبرميل اثناء فورة الاسعار وفهم من تصريحاته بان تلك الخصومات هي اتاوات تدفعها الحكو مة العراقية لشركات اميركية مقابل “تسويق” النفط. ولم تكرر تلك التصريحات كما انها لم تنشر في اجهزة الاعلام الرسمية العراقية. وعندما نتمعن في تصريحات السيد خيون نجد انها مغايرة للواقع المعلن من قبل منظمة الاوبك عن سلة اسعار النفوط المختلفة حيث جاء في نشرة اوبك عدد حزيران 2009 جدول الاسعار المبين ادناه :
البلد |
نيسان08 |
أيار 08 |
معدل 08 |
معدل09 |
سلة اوبك |
الاسترشادية |
50.20 |
56.98 |
100.63 |
47.22 |
بصرة خفيف |
51.18 |
56.47 |
98.27 |
46.35 |
دبي |
50.10 |
57.48 |
99.28 |
48.06 |
من الواضح من الجدول اعلاه المأخوذ عن النشرة الرسمية للاوبك ان اسعار البصرة خفيف ودبي هي متقاربة جدا وان الفروقات التي تحدث عنها المسؤول العراقي لا يمكن ان تكون سوى اتاوة تدفعها الحكومة العراقية للشركات الاميركية, وهذا مو ضوع طرح مرات عديدة ولكن وزراء النفط المختلفين انكروه على الدوام.
وفي دراسة اولية اجريتها على اساس هذه الفروقات اتضح ان الغبن الذي لحق بالعراق في سنة 2008 وحدها بلغ اكثر من 8 مليارات دولار وان المجموع التراكمي منذ الاحتلال لحد الان يبلغ عشرات المليارات من الدولارات وهذا مبلغ يكفي لسد احتياجات تطوير قطاع الطاقة باكمله ( النفط والكهرباء) حسب تقدير وزارة الطاقة الاميركية في تقرير لها في عام 2007.
و في المقابل نجد ان الحديث لا ينقطع عن “معونات اعادة اعمار العراق” التي يدعون انها جاوزت 50 مليار دولار. ولكن، وكما اشار مراسل صحيفة الاندبندنت، لم نشهد أي رافعات او معدات انشائية ثقيلة طوال هذه السنوات، لابل ان التقارير الصحفية التي صدرت لمناسبتى انسحاب القوات الاميركية من المدن والبلدات العراقية تدل على ان تلك القوات قد باعت عجلاته او بعض معداتها القديمة التي هي اشبه بالخردة الى الجانب العراقي مقابل اثمان باهضة.
ثا نيا- دأب المسؤولون في وزارة النفط على انكار تهريب النفط الخام العراقي ولكن الوقائع الميدانية تؤكد خلاف ذلك. فالارقام المنشورة عن انتاج النفط وتصديره خلال السنوا ت الست الماضية تشير بوضو ح الى وجود فارق كبير بين الانتاج والتصدير حتى عندما نضع في الحسبان مسأ لة الاستهلاك المحلي (ما يجهز الى المصافي ومحطات توليد الطاقة). وهذا الفارق لا يمكن الا ان يجد طريقه الى التهريب. اما من المسؤو ل عن ذلك فهذا امر لايمكن التكهن به لتعدد الجهات ذات المصلحة في ذلك .
وعلى سبيل المثال فان الفا رق بين الانتاج والصادرات حسب احصاءات (هيئة المشورة والرقابة الدولية( التي تشرف على فعاليات صندوق التنمية العراقي، كان يساو ي حوالي 158 مليون برميل لعام 2008. واذا افترضنا ان ما جهز الى المصافي العراقية ومحطات تو ليد الكهرباء لايتجاوز200 الف برميل يو ميا يبقى لدينا ما يقارب 86 مليون برميل مجهولة المصير. واذا علمنا ان معدل سعر البرميل لتلك السنة يزيد على 98 دولارا للبر ميل (حسب احصاءات اوبك المشار اليها آ نفا) فان القيمة التقديرية لتلك الكميات مجهو لة المصير تقرب من 8.5 مليار دولار. ومرة اخرى تتكون لدينا مبالغ تراكمية بعشرات المليارات من الدولارات منذ الاحتلال لحد الوقت الحاضر. ولا داعي للتكرار بان هذه المبالغ كان بامكانها تغيير وجه العراق الاقتصادي لو انها انفقت بأمانة واخلاص.
ثالثا - منذ الايام الاولى للاحتلال وضعت السلطات الاميركية موضع التنفيذ برامج عديدة لمعالجة مشاكل انتاج وتصدير النفط العراقي وكان اولها ما سمي بمشروعRIO) RESTORE IRAQ OIL) - اعادة تأهيل النفط العراقي، ورصد له مبلغ 1.4 مليار دولار مع معدات تقرب اقيامها من مليار دولار كانت قد تم التعاقد عليها في ظل النظام السابق بموجب برنامج النفط من اجل الغذاء اضافة الى 22 مليار دينار عراقي توفرها وزارة النفط العراقية كاجور للعاملين في المشروع.وكان هدفه زيادة الانتاج الى 2.4 م ب ي وقد ذكر في حينه. وقد ذكر في حينه ان هذا الهدف قد تحقق في نيسان 2004 وان جهود الوزارة ماضية لرفع الانتاج الى 2.8 م ب ي. وبعد ذلك توالت التصريحات منها للسيد جبار لعيبي مدير عام شركة نفط الجنوب انذاك بكون شركته تقترب من هدف 3 م ب ي.
ان التقارير العديدة عن النفط كانت تشير الى حصول اعمال تخريبية وهجمات ارهابية على انابيب نقل النفط ولكن الحقول الانتاجية لم يذكر انها تعرضت الى هجمات. واشرنا سابقا الى تصريحات السيد وزير النفط الى جريدة الصباح في 4.12.2007 بان الانتاج لذلك العام سيكون الاعلى منذ ثماني سنوات وان انتاج عام 2008 سيكو ن الاعلى منذ 28 عاما وهذا يعني ان انتاج عام 2007 كان يفترض ان يزيد على 3 م ب ي (لان صادرات العراق حسب برنامج النفط من اجل الغذاء بلغت في بعض الفترات قبيل الغزو 3.1 م ب ي) و ان انتاج 2008 كان يفترض ان يزيد على3.5 م ب ي و هو الرقم الذي اشار اليه الوزير. ولكننا قرأنا في (التقرير الاسبوعي عن اوضا ع العراق) الصادر عن وزارة الخارجية الاميركية ان وزارة النفط العراقية قد قررت التخلي عن هدفها بانتاج 2.8 م ب ي والاكتفاء بدلا من ذلك بـ 2.1 م ب ي دون اعطاء أي مبرر او موجب لذلك.
للقد تحدثت التقارير عن الدمار الذي الحق با نبيب النقل و لكنها لم تتحدث عن “خراب” الحقول سوى بعض الاشارة الى قضايا ثا نوية مثل محطة معالجة المياه في كرمة علي.واذا كان هذا الخراب موجو دا فعلا فماذا فعلت الوزارة و مئا ت المستشا رين الاميركان لاصلا حه وهو الفرع من الاقتصاد الذي يقرر مصير البلد وتعتمد عليه ميزاينته وقوتو امن شعبه. علما بان ما انفقته الوكالات الاميركية المختلفة طوال هذه المدة كان2.05 مليار دولار.
ان الخسائر التي تكبدها العراق جراء هذا التلكؤ والوقت الضائع تقدر بعشرات المليارات من الدولارات (كما سنبين لاحقا) فمن المسؤول عن كل ذلك؟ ومن الذي سيعوض العراق واهله؟ وقد تكون هذه الخسائر على ضخامتها هينة اذا ماقو رنت بالنفوس العزيزة التي قتلت والدماء الغزيرة التي سفكت والتي لاتقدر بثمن. و من الذي يضمن ان الوضع سيتحسن حتى لو بلغ انتاج العراق اكثر من 10 م ب ي فالوحوش الضارية و الكواسج مستعدة لان تلتهم كل شيء و تبقي الشعب في دوامة من الجوع والفقر.
رابعا- تحدثت اوساط كثيرة عن قيام الطاغية المخلوع بالتحايل على نظام الرقابة والحصار وتصدير كميات من النفط خارج برنامج النفط من اجل الغذاء بما لايقل عن خمسمائة الف برميل يوميا. وقد اكد هذه الحقيقية من بين كثيرين، ريتشارد هاس مؤلف كتاب “حرب الضرورة وحرب الاختيار” الذي شغل مناصب هامة في مجلس الامن القومي ووزارة الخارجية وهو الان رئيس مجلس العلاقات الخارجية، من اكثر المراكز الفكرية نفوذا في الولايات المتحدة حيث قال :
“كان بالامكان استخدام القوة العسكرية التقليدية او حتى العمل العسكري السري لاغلاق خط انابيب النفط العراقي السوري الذي كان مصدرا رئيسا للدخل (حوالي ثلاثة مليارات دولار لمدة الاثنتي عشرة سنة) المتحقق لصدام.
نحن نعرف ان 84% من العملا ت الصعبة التي وصلت الى صدام حسين خلال سنوات الحصار كانت في الواقع… عن طريق الترتيبات التجارية مع الاردن وتركيا وسوريا ومصر او عن طريق التهريب” (المصدر المشار اليه ص 179).
واذا كان مبلغ النفط المهرب آنذاك يعادل 3 مليارات دولار سنويا فانه ارتفع ما بعد الغزو لما يتراوح ما بين 6-12مليار، فمن الذي يضمن ان هذه الامكانات المتاحة لم تستخدم فعلا بعد الغزو؟
خا مسا- جاء في قرارات مؤتمر المانحين الدوليين المنعقد في مدريد في 23 تشرين الاول عام 2003 ان ايران تبرعت بمبلغ مليار دولار اضافة لتوفير الفرص لتكرير 500 الف بر ميل يو ميا من النفط العراقي في مصافي عبادان واعادته الى العراق او تصديره عبر المنافذ الاير انية. وبالارتباط مع ذلك فقد ذكرت الصحافة العراقية في حينها ان العراق قرر بناء انبوب لنقل النفط بين حقول البصرة وميناء عبادان تحت شط العرب للاستفادة من منافذ التصدير الايرانية. ولكن التعتيم قد احاط بهذا الموضوع ولم نعد نسمع شيئا عنه. فماهو السر في ذلك يا ترى؟ وما هي الحقيقة وراء كل ذلك وما الذي جرى للنفط العراقي في ظل الاحتلال؟
و نرى من كل ذلك ان الفرص التي ضيعت على العراق قد تسببت بخسائر بمئا ت المليارات من الدولارات والان يراد تسليم كل ثروات العراق وسيادته ومصير شعبه لقمة سائغة الى الاحتكارات على شكل هذه التراخيص.
الشركات “المغبونة”
لقد نشر احد كبار دعاة جولة التراخيص في وزارة النفط مقالا تحت اسم مستعار على احد المواقع الالكترونية يسخر فيه من وصف الحقول العراقية وخاصة الرميلة بـ “العملاقة” وقال ان حقل الرميلة بالذات هو حقل” شائخ” وتكاد دموعه تفيض حزنا وهو يوحي للقاريء بان الشركات العالمية “المسكينة” قد استغفلت واستدرجت لهذه الحقول البائسة. هذا وقد قرأنا تعليقات الصحافة الغربية وكبار المسؤولين في الشركات الذين اكدوا على ان هذا الحقل بالذات هو اعظم حقل في العالم بعد حقل غوار في السعودية وان الحقول العراقية مجتمعة ربما تفوق الحقول السعودية بامكاناتها الكامنة. وواضح ان ذلك المسؤول اراد ان يهون من التفريط بمصالح العراق التاريخية جراء الاصرار على هذه الممارسة الغريبة والمشبوهة. ويكفي ان نقول ان شركة ساينوبك الصينية قد اشترت شركة اداكس بمبلغ يقر ب من 8 ملياراتدولار من اجل عقودها في كردستان (ذات الاحياطيات البسيطة والتي لايزيد انتاجها حاليا على خمسين الف بر ميل يوميا) .فكيف يكو ن الحال مع حقول يمكن ان تصل انتا جيتها الى 8 م ب ي في غضون سنوات قلائل و تزيد احتياطاتها على41.5 مليار برميل؟
لقد آ ن الاوان لأن يقف الجميع وقفة حساب مع الذات بتغليب المصلحة الوطنية فوق أي اعتبارات اخرى والنظر الى الواقع الذي يؤدي الى رفض هذه التراخيص وسلوك الطريق الصائب والسليم المتمثل بتأسيس شركة النفط الوطنية العراقية وتسليمها جميع الحقول المنتجة و الحقول المكتشفة وغير المطورة لغرض تطويرها عن طريق عقود الخدة الحقة.
لقد عجزت الحكومات المتعاقبة التي شكلت بعد الاحتلال عن طرح سياسةنفطية وطنية واضحة متوازنة وشاملة تربطتطوير وانتاج النفط بمجبم الاقتصاد العراقي مع الاخذ بنظر الاعتبار الاوضاع العالمية السائدة في الصناعة النفطيةو علاقاتنا مع الاوبك . و من ثموضع السياسة في اطار قانوني سليم يشارك في وضعه الخبرا ء الفنيون ومجلس النواب للمضي قدما في ازالة اثار الدمار والخراب الذي دام عشرات السنينو الذي يتطلب زواله عشرات من السنين من العمل الدؤوب والمخلص.
تقديرات خسائر العراق
اولا- قبل الغزو
يجب التاكيد على ان فر ض الحصار على نظا م صدام على اثر احتلال الكويت لم يكن القصد منه اضعاف النظا م بحدذاته او اسقاطه وانما الهدف منهاضعاف العراق ككيان وكدولة لكي لا يلعب دورا مؤثرا في المنطقة ولا رغامه بالتالي على تسليم ثرواته النفطية الهائلة بثمن بخس كما يجر ي حاليا . والدليل على ذلك هو الاصرار على ابقاء العراق تحت طاءلة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة رغم مرور ست سنوات ونصف على سقوط ذلك النظام. ولا بأس هنا من الاستشهاد بما كتبه ريتشارد هاس في هذا الصدد:
“لقد تركز معظم الاهتمام على الفضائح المرتبطة ببرنامج الامم المتحدة – النفط من اجل الغذاء- ولكن الفضيحة الحقيقية كانت هي ان الحكومة الاميركية والحكومات الاخرى كانت تشيح بنظرها الى الجهة الاخرى بدلا من العمل على اغلاق التجارة التي كا نت معروفة بانها غير شرعية وانها قائمة على قدم وساق”.
لقد تراجعت الولايات المتحدة جزئيا عن سياسة الحصار في اواسط التسعينات لا حبا بالشعب العراقي او خوفا عليه وانما لان ظروف النفط العالمية قد ارغمتها على ذلك. فقد تميزت تلك الفترة بهبوط انتاج النفط الروسي ما بين 1990 و1996 بمقدار 5 م ب ي اضافة الى فقدان سوق النفط العالمية لاكثر من 11 م ب ي من انتاج العراق وايران اثناء الحرب وانتاج ليبيا بعد حادثة اسقاط طائرة لوكربي. يقابل ذلك زيا دة استهلاك العالم نتيجة النمو السريع في الولايات المتحدة وآ سيا بمقدار 6.2 م ب ي. وقد سمح للعراق بتصدير كميات محدودة من نفطه تتناسب و احتياجات الولايات المتحدة وشركائها.
ان الخسائر التي تكبدها العراق خلال تلك الفترة تقدرب 215 مليار دولار على اساس احتساب حصة العراق من التصدير وفقا لتخصيصا ت اوبك وهي 3.96 م ب ي (وفي الحقيقة احتسبناها على اساس 3.5 م ب ي وهو الحد الذي بلغته الصادرات العراقية قبل الحرب مع ايران )
ثا نيا- بعد الغزو
وعند تطبيق نفس المبدأ وعلى اعتبار معدل صادرات العراق بمقدار 1.5 م ب ي فتكون الخسائر كما هو آت:
2003 |
2×26.6× 365 =19418 |
2004 |
2×34.6× 365 =25285 |
2005 |
2×48.33×365=35280 |
2006 |
2×57.97×365=42318 |
2007 |
2×66.4× 365=48619 |
2008 |
2×98.27×365=71737 |
المجموع |
242,630 مليون دولار |
هذا غيض من فيض كما يقو ل المثل، ويمكن ان نكتب مجلدات ونبقى مقصرين بوصف الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب العراقي. افلا يكفي هذا النزيف من الدماء والاموال والالتفات الى اصلاح الحال؟
كلمة اخيرة بشأ ن عقود الخدمة. فقد تم تطبيق هذا النوع من العقود لاول مرة في السبعينيا ت من القرن الماضي في فنزويلا بعد ان انتزعت الامتيازات من ايدي الاحتكارات الاجنبية. ويقو ل مؤلف كتاب ( الجائزة: السعي الملحمي من اجل النفط و المال و السلط) دانيال يرجين عن هذا الموضوع ما هو أت:
“ناقشت الشركات عقود الخدمة مع فنزويلا والتي تم بموجبها دفع مبالغ تتراوح بين 14 الى 15 سنتا عن كل برميل منتج مقابل استمرار تقديم المهارات الفنية والموظفين من قبل الشركات السابقة صاحبة الامتياز”- ص 649
لقد كان هذا فهو يقرب من 3% مكن سعر النفط السائد حاليا علما بان الاوضاع قد تغيرت تغيرا جوهريا في الوقت الحاضر لصالح الدول المنتجة للنفط.
فعلى أي اساس استندت وزارة النفط في حساباتها كي تسلم ثروة العراق واجياله هدية باردة الى الاحتكارات العالمية؟
(للحديث صلة… )